إمام المسجد النبوي: حبُّ الله يهبُّ على النفوس في هجير الحياة كالنسيم العليل
وقال الحذيفي: حبُّ الله تعالى يهبُّ على النفوس في هجير الحياة كالنسيم العليل، وتتفيأ القلوبُ في مسيرها ظلَّه الظليل، وهو أحد أَصْلَيِ العبودية التي تقوم على ساقين، وتطير بجناحين: كمال الحب، وكمال الذل والانكسار والخضوع. ومحبّة الله تعالى هي روح العبادة وحقيقتها وسرُّها، ولا يستحقّ أحدٌ كمال ذلك الشعور وبذلَ منتهاه وبلوغ غايته إلا أن يكون محبوبًا لذاته، ومحبوبًا من كل وجه، وليس شيء يُحَبّ لذاته ومن كُلّ وجه إلا الله -جل وعزّ وحده-.
وأضاف: العبد بقَوْلِهِ في استغفاره: «أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي» يجمع بين ملاحظة منّة الله عليه، ومطالعة عيب النفس ونقصان العمل، فملاحظة صنوف المنن تحمله على كمال المحبة لموليها ومُسْديها، ومطالعة عيب النفس تحمله على كمال الذل والانكسار.
وأردف إمام المسجد النبوي" حين يتفكر المؤمن في جليل صفات الله وجزيل مِنَنِه عليه أن يتعاظم في قلبه حبُّه حتى يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وحالئذ يذوق حلاوة الإيمان وينعم بأنس العبودية!.
وتابع: حقيقة المحبّة لا تعبّر عنها الكلمات ولا تحدُّها العبارات، بل إنها تزيدها خفاءً وجفاءً، فحقيقة المحبة وُجُودُها، ومعناها ظُهورُ آثارها، ولا توصف المحبّة بوصفٍ أظهر من لفظها، ولا بمعنى أبينَ من وُجودها.
واختتم بالقول: الحب الصادق لله يستلزم طاعة الله، وطاعةُ الله لا تكون إلا باتباع رسول الله ﷺ، فإذا اتبع المؤمن المحبُّ لربه حبيبَ ربِّه ﷺ فقد بشره الله في كتابه ببشارتين: محبته سبحانه له، ومغفرته لذنوبه.